
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
تعريف الصوم لغةً
الصوم في اللغة يُعرَّف بالإمساك عن الشيء والكفّ عنه، سواء أكان ذلك في الطعام والشراب أم في الكلام والفعل. ويُقال: صام فلانٌ عن الكلام، أي امتنع عنه، وصام عن اللغو، أي تركه، وصام عن الباطل والزور، أي كفّ عنه.
وقد ورد هذا المعنى في القرآن الكريم في قول الله تعالى على لسان مريم عليها السلام:
“فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا” (مريم: 26)، أي نذرت إمساكًا عن الكلام.
كما يُطلق الصوم على امتناع الفرس عن المشي والعلف، وقد أشار إلى ذلك الشاعر النابغة الذبياني في قوله:
خيلٌ صِيامٌ وخيلٌ غيرُ صائِمةٍ تَحتَ العَجاجِ وخيلٌ تَعلُكُ اللُّجُما
وفي هذا البيت يقسم الشاعر الخيل إلى ثلاث فئات:
- خيل صائمة: أي واقفة ساكنة لا تشارك في القتال.
- خيل غير صائمة: أي منغمسة في المعركة وسط غبار الحرب.
- خيل تعلك اللجام: أي مستعدة للحرب وقد تم تجهيزها للقتال.
ويؤكد أبو عبيدة على هذا المعنى بقوله: “كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم”، لسان العرب، ج4 ص2530. باب الصاد، مادة صوم. مما يدل على أن الصوم في اللغة يرتبط بالإمساك المطلق عن أي فعل أو قول.
تعريف الصوم شرعًا
أما في الاصطلاح الشرعي، فالصوم هو التعبّد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس مع وجود النية. وهو عبادة يتقرب بها المسلم إلى الله من خلال ضبط النفس والامتناع عن الملذات، تحقيقًا للتقوى والطاعة.
يتضح إذن أن الصوم في مفهومه اللغوي أوسع من معناه الشرعي، حيث يشمل أي نوع من الإمساك، في حين أن الصوم الشرعي محدد بشروط وأحكام تضبطه، ليكون عبادة خالصة يتقرب بها العبد إلى ربه.