
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
يُعد البلوغ شرطا من شروط وجوب الصيام بل لوجوب سائر العبادات ، فلا يُفرض على الصبي حتى تظهر فيه احدى علامات البلوغ .
علامات البلوغ
يتحقق البلوغ عند الذكر بواحد من ثلاثة أمور:
- إنزال المني سواء كان ذلك بالاحتلام أو بغيره.
- نبات شعر العانة، وهو الشعر الخشن الذي ينمو حول القُبُل.
- إكمال خمس عشرة سنة من العمر.
أما الأنثى، فتحصل على حكم البلوغ بجميع ما سبق، ويُضاف إليها حدوث الحيض، وهو علامة خاصة بالإناث تدل على بلوغهن.
الأدلة على اشتراط البلوغ لوجوب للصيام
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عَنِ النَّائِمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصبيِّ حتى يبلُغَ، وعن المجنونِ حتى يعقِلَ )) رواه أبو داود (4402)، وأحمد (940)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7303)، وابن خزيمة (1003)، والحاكم (949). حسنه البخاري في ((العلل الكبير)) (225)، وصححه ابن حزم في ((المحلى)) (9/206)، والحاكم وقال: على شرط الشيخين، والنووي في ((المجموع)) (6/253) والألباني في ((صحيح أبي داود)) (4403).
ثانيًا: من الإجماعِ
قال ابنُ حزم: (اتَّفَقوا على أنَّ صِيامَ نَهارِ رَمَضانَ على: الصَّحيحِ المُقيمِ العاقِلِ البالِغِ الذي يعلَمُ أنَّه رمضانُ، وقد بلَغَه وجوبُ صِيامِه وهو مُسلمٌ) ((مراتب الإجماع)) (ص 39)، ولم يتعقبه ابن تيمية في ((نقد مراتب الإجماع)). وانظر ((المحلى)) لابن حزم ( 6/160)
قال ابنُ رشد: (وأمَّا على مَن يجِبُ وجوبًا غير مُخيَّرٍ: فهو البالِغ، العاقِلُ، الحاضر، الصَّحيح، إذا لم تكُن فيه الصِّفةُ المانعة مِن الصَّوم، وهي: الحَيضُ للنِّساءِ، وهذا لا خِلافَ فيه؛ لِقَولِه تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] ).((بداية المجتهد)) (2/46).
قال النووي: (لا يجِبُ صَومُ رَمَضانَ على الصبيِّ، ولا يجِبُ عليه قضاءُ ما فات قبل البلوغِ، بلا خلافٍ) ((المجموع)) (6/253).
مسألة
إذا كان الصبي قادرًا على الصيام دون أن يلحق به ضرر، فينبغي لوليّه أن يأمره بالصيام ليعتاد عليه ويتدرب على أدائه، وهذا هو قول جمهور العلماء.
عن الرُّبيِّع بنتِ مُعَوِّذٍ رَضِيَ الله عنها قالت: ((أرسَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غداةَ عاشُوراءَ إلى قُرى الأنصارِ: من أصبَحَ مُفطِرًا فلْيُتِمَّ بقيَّةَ يَومِه، ومن أصبَحَ صائمًا فلْيَصُمْ، قالت: فكُنَّا نصومُه بعدُ، ونُصَوِّم صِبيانَنا، ونجعَلُ لهم اللُّعبةَ مِنَ العِهنِ) رواه البخاري (1960) ومسلم (1136).
وفي لفظ: عند مسلم ((… ونصنَعُ لهم اللُّعبةَ مِنَ العِهنِ، فنذهَبُ به معنا، فإذا سألونا الطَّعامَ أعطيناهم اللُّعبةَ تُلهِيهم حتى يُتِمُّوا صَومَهم )) (1136).
مسألة
إذا بلغ الصبي أثناء شهر رمضان، وجب عليه صيام ما تبقى من الشهر، ولا يلزمه قضاء الأيام التي مضت، سواء كان قد صامها أو أفطرها، وهذا بالاجماع ، قال النَّووي: (لا يجِبُ صَومُ رَمَضانَ على الصبيِّ، ولا يجِبُ عليه قضاءُ ما فات قبلَ البلوغ بلا خلافٍ) ((المجموع)) للنووي (6/ 253)
مسألة
إذا بلغ الصبيُّ أثناءَ نهارِ رَمَضانَ وهو مُفطِرٌ؛ فإنَّه يلزَمُه أن يُمسِكَ بقِيَّةَ يَومِه، ولا قضاءَ عليه على الراجح ـ
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أسلم يوم عاشوراء فأمره أن يؤذن في الناس من كان لم يصم فليصم ومن كان أكل فليتم صيامه إلى الليل مسلم ووجه الاستدلال منه أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يأمر من أكل في أول النهار ، فالقضاء فرع عن الوجوب و الوجوب تابع لشروطه و الله اعلم